تطور آلية المساءلة المستقلة للبنك الدولي: من منارة للمساءلة إلى هيكل مربك
في عام 1993، استجابة للضغوط القوية من المجتمع المدني، أنشأ البنك الدولي لجنة التفتيش للتحقيق في الشكاوى من الأفراد الذين يعتقدون أنه وقع عليهم ضرر بسبب مشروعات ممولة من البنك. على الرغم من تبني البنك مسبقًا، قبل نحو عقد من الزمن، مجموعة من السياسات الوقائية لتقييم وتجنب الأضرار البيئية والاجتماعية، إلا أن تراكم الأدلة على عدم الامتثال لهذه السياسات استدعى إنشاء هيئة مستقلة للتحقق من التزام إدارة البنك بسياساته ووضعها موضع المساءلة عن الانتهاكات لهذه السياسات. تتكون الهيئة من ثلاثة خبراء عالميين بارزين في المجال، وحظيت باعتبارها منارة للمساءلة بثقة المجتمع المدني العالمي. كأول آلية مساءلة مستقلة من نوعها، ألهمت مبادرات مماثلة في البنوك المتعددة الأطراف الأخرى.
ومع ذلك، أدت الإصلاحات التي جرت في عامي 2018 و 2020، والتي كانت تهدف إلى تحديث الهيئة، إلى تعقيد الهيكل الإداري وإجراءات التعامل مع الشكاوى. فلمواكبة آليات المساءلة المستقلة في البنوك الأخرى، أنشأ مجلس إدارة البنك خدمة حل النزاعات (DRS) المكلفة بتسهيل التفاوض بين الشاكيين والوكالة المنفذة للمشروع لحل القضايا المطروحة في الشكوى. على الرغم من الترحيب الذي لاقاه إنشاء خدمة حل النزاعات من جانب المجتمع المدني، إلا أن الهيكل الذي تم إنشاؤه لإيواء كل من هذه الخدمة الجديدة ولجنة التفتيش كان مربكًا وأثار مخاوف بشأن تضارب المصالح، مما أثر سلبًا على الثقة العامة. فقد استحدث البنك هيكلاً إدارياً يسمى “سكرتارية آلية المساءلة (AMSec)” لإدارة خدمة حل النزاعات والموارد المالية والبشرية للجنة التفتيش. ورغم احتفاظ اللجنة باستقلاليتها في أداء عملها المتعلق بالتحقق، إلا أن خضوع مواردها لسيطرة AMSec أدى إلى الارتباك وانعدام الثقة.
قبل عدة أشهر، كلف مجلس الإدارة فريقًا من ثلاثة خبراء مستقلين بتقييم الهيكل الحالي وإصدار توصيات بناءً على النتائج. تضمنت شروط مرجعية فريق المراجعة الخارجية (ERT)، بالإضافة إلى المجالات المحددة قيد التقييم، طلب الحصول على مدخلات من المجتمع المدني حول مسودة تقريرها وتقديمها مع التقرير إلى المجلس للنظر فيها. في أوائل يوليو، نشر فريق المراجعة الخارجية تقريره ودعا مجموعات المجتمع المدني لتقديم مدخلاتها كتابةً بحلول نهاية يوليو 2024. نظم الفريق أيضًا ثلاثة اجتماعات للمجموعات المهتمة لعرض التقرير ومناقشة النتائج والتوصيات. كما أعد الفريق عرضًا تقديميًا لتلخيص النتائج والتوصيات. (انقر هنا للوصول إلى العرض التقديمي باللغة العربية). بعد مراجعة التقرير والخيارات المختلفة، قدم تحالف اراب وتش مدخلات مكتوبة إلى فريق المراجعة الخارجية أكد فيها على أهمية استعادة هيئة التفتيش استقلاليتها كاملة، لا سيما في مرحلة تطور البنك نحو فصله التالي الذي يتوعد بـأن يكون”بنك أكبر وأفضل”.