الإيصالات المفقودة: ماذا حدث لمليارات الدولارات التي قدمتها المؤسسات التمويلية الكبرى لمواجهة فيروس كورونا المستجد؟

الإيصالات المفقودة: ماذا حدث لمليارات الدولارات التي قدمتها المؤسسات التمويلية الكبرى لمواجهة فيروس كورونا المستجد؟

خبر صحفي

31 يناير 2022 – قامت المؤسسات التمويلية الكبرى بتخصيص مليارات الدولارات للاستجابة لوباء كورونا المستجد والأزمات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عنه. ومع ذلك، هناك نواقص مقلقة فيما يتعلق بالشفافية حول إنفاق هذه الأموال وشكوك جادة حول ما إذا توصل بها أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها.

منذ بداية الوباء، حذرت منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم من مخاطر الفساد المحتملة وتفاقم اللامساواة وتزايد الديون. اليوم، أدلة متزايدة على أن العديد من هذه المخاطر قد تجسدت.

الإيصالات المفقودة” هو مشروع بحث مشترك جديد، يقوم بتحليل دور المؤسسات التمويلية الكبرى – وإخفاقاتها – في التعافي من الجائحة. يستند التقرير إلى سلسلة من دراسات الحالة على المستويين العالمي والوطني، وقد تم اعداده من قبل أعضاء وشركاء التحالف من أجل حقوق الإنسان في التنمية.

وجدت المجتمعات المحلية ومجموعات المجتمع المدني نفسَها منية فيما يتعلق بالمبالغ التي اقترضتها حكوماتهم من المؤسسات التمويلية الكبرى، ظروف الاقتراض، وكيف تم استخدام هذه الأموال، وما إذا كان لها التأثير المنشود.

في العراق، على سبيل المثال، أعاد البنك الدولي تخصيص ما يقرب من 60 مليون دولار من أجل الاستجابة للكوفيد-19، لكنه لم يقدم معلومات حول تعديل المشروع: “لم يكن هناك سوى بيان صحفي يعلن عن التعديل، ولكن لم يكن هناك تفاصيل حول ما سوف يترتب عنه. حيث كانت المعلومات الوحيدة المتاحة مبعثرة في مختلف وثائق خطط التوريدات، وكان من الصعب على أصحاب المصلحة الوصول إليها. وبالنظر الى حالة الصراع الداخلي في العراق، يجب على البنك ضمان المزيد من الشفافية وبذل المزيد من الجهود فيما يتعلق بالعناية الواجبة لتحقيق نتائج حقيقية”، قالت وفاء حديوي، منسقة برنامج في تحالف آراب واتش.

في سياق كانت فيه العديد من الحكومات تقوم بقمع المعلومات حول انتشار الفيروس ومحاولة إسكات أولئك الذين ينتقدون الاستجابة غير الكافية للوباء، فشلت المؤسسات التمويلية الكبرى من ضمان أبسط مستويات الشفافية والمشاركة والمساءلة.

أدى الافتقار إلى الشفافية والرقابة إلى خلق الظروف المثالية للمخالفات والفساد في العديد من البلدان. على سبيل المثال في بوليفيا، تم إهدار الأموال التي خصصها بنك التنمية للبلدان الأمريكية لشراء معدات طبية مهمة لكوفيد-19. وعندما أعلن البنك عن فتح تحقيق في الفساد، قامت العملية بتوقيف عمليات وكالة الصحة لعدة أشهر.

توصل البحث أيضًا الى أن العديد من المؤسسات التمويلية الكبرى سارعت في تنفيذ مشاريعها، وفشلت في احترام متطلبات العناية الواجبة الخاصة بها. هناك ما يبرر تقصير الجدول الزمني في سياق حالة الطوارئ، إلا أنه من المقلق أنه غالبًا ما يتم تجاوز تقييمات البيئة وحقوق الإنسان، فضلاً عن المشاورات الهادفة. لم تتم استشارة المجموعات الرئيسية – بما في ذلك النساء والسكان الأصليين والسكان ذوي الدخل المنخفض والأشخاص ذوي الإعاقة والعاملين في مجال الصحة – لتشكيل برامج الاستجابة للكوفيد-19. بل وبدلاً من ذلك، لقد واجهوا مزيداً من التهميش ولم تتم تلبية احتياجاتهم.

في الهند، على سبيل المثال، قام بنك التنمية الآسيوي (ADB) والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB) بدعم بعض برامج التحويلات النقدية. ومع ذلك، لا يمكن الا للأشخاص الذين لديهم حساب مصرفي الوصول إلى الدعم. في بلد فيه أقل من 50٪ من النساء تحت خط الفقر هن اللواتي لديهن حساب بنكي شخصي، انتهى المشروع بتهميشهن بشكل أكبر.

من استفاد حقًا من دعم المؤسسات التمويلية الكبرى هو القطاع الخاص، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث تم نقل معظم الأموال المخصصة للمؤسسات العمومية إلى الشركات الكبرى، الى حد كبير. وتحت ذريعة الانتعاش الاقتصادي، حتى بعض الشركات المسؤولة عن المشاريع الضارة (مثل قطاع الصناعات الاستخراجية) استفادت من الأموال المخصصة المواجهة الوباء من المؤسسات التمويلية الكبرى.

ساهمت قروض المؤسسات التمويلية الكبرى في الارتفاع الصاروخي للديون العامة ولتلبية التزامات الديون التي تعتمدها العديد من الحكومات بشكل متزايد في تخفيض الإنفاق الاجتماعي. في الموزمبيق وأوغندا، أشار الباحثون إلى أن القروض التي تم الحصول عليها من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي جاءت في مقابل اعتماد إصلاحات سياسية زادت من الخصخصة والتقشف: “قام البنك الدولي باستعمال جائحة كوفيد-19 للنهوض بأجندة الحماية الاجتماعية وذلك من خلال استبدال فكرة الاستحقاقات الشاملة بمنح موجهة وقصيرة الأجل، والتي لا تعالج الأسباب الجذرية للفقر.” قال زو راندريامارو، منسق بدائل التنمية النسوية البيئية في مؤسسة Womin.

يتم تضخيم المشاكل الهيكلية في حلقة مفرغة، مثل الديون والليبرالية الجديدة – التي ساهمت في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية الحالية التي نواجهها – تحت ذريعة إيجاد حلول لهذه الأزمات. هذا هو السبب في أن مجموعات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم تثير مخاوف جدية بشأن ما إذا كان تمويل المؤسسات المالية الدولية يمثل حلاً مناسبًا للاستجابة لوباء كوفيد-19 وكذلك أي حالات طوارئ عالمية في المستقبل وتحت أي ظروف.

“يجب على بنوك التنمية إعادة النظر في عملياتها المالية لأن أقل البلدان نمواً هي بالفعل على حافة الهاوية، وتكافح للتعامل مع تغير المناخ، وفيروس كوفيد-19، وضعف النزاهة كلها في نفس الوقت. إذ لم تحصل هذه البلدان على تمويل عام يقوم على أساس المنح، فإنها تواجه خطر الوقوع في فخ ديون لا رجوع فيه”، قال حسن مهدي، الرئيس التنفيذي في شبكة سبل المعيشة الساحلية والعمل البيئي.

استشهادات إضافية

“بالنسبة إلى بنك التنمية الآسيوي والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، فإن الأزمة الصحية هي مسألة بسيطة تتعلق بالبحث عن الأموال لمعالجتها. وبالتالي، بالنسبة للمؤسستين، يتم تخفيض الإقراض في إطار برنامج الاستجابة الفعالة ودعم النفقات إلى مجرد مسألة توفير “دعم الميزانية” للمتطلبات الصحية والاقتصادية للبلد المقترض. تغفل “نظرية التغيير” المبسطة عن الأسباب الجذرية الحاسمة لانهيار النظام الصحي في العديد من البلدان النامية مثل خصخصة وتسليع الخدمات الصحية ورفع الدعم على المستشفيات والمرافق الحكومية وإهمال صحة العاملين الصحيين أنفسهم. النتيجة؟ أزمة صحية لا تنتهي للأسباب الجذرية الليبرالية الجديدة للأزمة الصحية التي لم تُحل.” د. رينيه افرونيو، Freedom from Debt Coalition

“على الرغم من أن الاستعجال في إعداد هذه المشاريع له ما يبرره، نظرًا لأنها استجابات للوضع الوبائي، فقد كان ينبغي بذل المزيد من الجهود للوصول إلى أصحاب المصلحة. نخشى أن يصبح هذا هو المعيار الجديد لإعداد المشاريع الجديدة لأن الوباء لم ينته بعد.” ايمي عقداوي، المديرة التنفيذية المشاركة لتحالف آراب واتش

“في أمريكا اللاتينية، تلعب المؤسسات المالية الدولية دورًا أكبر في تشكيل السياسات العامة ودعمها وذلك بشكل متزايد. ولهذا السبب يجب عليهم تعزيز مساحات الحوار والمشاركة وتنفيذ التدابير التي تضمن الامتثال لحقوق السكان الأصليين ونهج النوع الاجتماعي، وهي قضايا مهمة لا تؤخذ في الاعتبار في كثير من الأحيان خلال تصميم المشاريع وتنفيذها.” عايدة جامبوا، منسقة برنامج أمازون Derecho, Ambiente y Recursos Naturales.

ملاحظات للمحررين.ات

حدد نظام الإنذار المبكر لكوفيد-19، الذي يتتبع التمويل المعلن لخمس عشر بنكًا تنموياً ويديره مشروع المساءلة الدولي، 1.511 مشروعًا معروفًا اعتبارًا من يناير 2022، بإجمالي 166.70 مليار دولار أمريكي على الأقل، مع تصدر بنك الاستثمار الأوروبي والبنك الدولي القائمة من حيث الأموال المخصصة.”

تم تجميع دراسات الحالة المذكورة في التقرير واستضافتها على بوابة إلكترونية تفاعلية. تقدم بعض التقارير تحليلاً شاملاً، بينما يركز البعض الآخر على الوضع في بلدان محددة، بما في ذلك الفلبين وبنغلاديش والعراق واليمن والأردن وتونس ومصر والمغرب ولبنان وموزمبيق وأوغندا وكولومبيا وإكوادور وبوليفيا والبرازيل وبيرو والأرجنتين. تم تطوير معظم التقارير من قبل أعضاء وشركاء التحالف من أجل حقوق الإنسان في التنمية، بما في ذلك سلسلة من التحليلات على المستوى المحلي بتكليف و/أو إعدادها من قبل منظمات المجتمع المدني التالية: تحالف آراب واتش، Derechos Ambiente y Recursos Naturales، Fundación Ambiente y Recursos Naturales، NGO Forum on ADB، International Accountability Project، و WoMin.

 

Sharing is caring!