النسخة الخاصة لتحالف آراب ووتش: اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي 2025

شهدت اجتماعات الربيع لعام 2025 لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الفترة من الإثنين 21 أبريل/نيسان إلى السبت 26 أبريل/نيسان في واشنطن العاصمة مناقشات هامة حول الإصلاحات المؤسسية، وتحديثات السياسات، وجهود التعافي وإعادة الإعمار في لبنان وسوريا. تم إطلاق عمليات رئيسية، بما في ذلك تحديثات للأطر الأساسية مثل إطار الاستدامة الخاص بمؤسسة التمويل الدولية، وجهود لتعزيز الإطار البيئي والاجتماعي للبنك الدولي.

كما ركزت المناقشات بشكل مكثف على مستقبل آليات المساءلة داخل مجموعة البنك الدولي، بما في ذلك مقترحات لإصلاح أو دمج الهيئات القائمة مثل مكتب المحقق/المستشار لشؤون التقيد بالأنظمة وهيئة التفتيش، مما يعكس مناقشات أوسع نطاقًا حول الشفافية والمساءلة الفعالة.

شارك تحالف آراب ووتش طوال فترة الاجتماعات، من خلال المشاركة في المشاورات، اجتماعات المائدة المستديرة، والمشاركة في تنظيم جلسات ضمن منتدى سياسات المجتمع المدني. نقدم لكم أدناه ملخصًا لأهم الأحداث والمستجدات التي تهم أعضائنا وشركائنا.

مؤسسة التمويل الدولية: ما هي التطورات الجديدة؟

إطلاق عملية تحديث إطار الاستدامة

حضر التحالف جلسة المعلومات التي نظمتها مؤسسة التمويل الدولية حول تحديث إطار الاستدامة خلال اجتماعات الربيع. وقد كانت هذه الجلسة من أبرز محطات الاجتماعات، حيث شكّلت انطلاقة رسمية لعملية مؤسسية طال انتظارها، تهدف إلى الاستفادة من دروس التطبيق المتراكمة ومواكبة التوقعات البيئية والاجتماعية العالمية المتغيرة.

كان الغرض من الاجتماع ذا ثلاثة أهداف: الإطلاق الرسمي لعملية التحديث بمشاركة أصحاب المصلحة ، وتحديد النهج والهيكل الخاصين بالمشاورات (المرجو الإطلاع على إطار التشاور مع أصحاب المصلحة لمزيد من المعلومات)، وضمان تقديم المدخلات المبكرة والشاملة والمستمرة من جانب المجتمع المدني.

يشمل الإطار ثلاثة مستندات:

• السياسة البيئية والاجتماعية، التي تحدد دور مؤسسة التمويل الدولية والتزاماتها؛

• معايير الأداء، التي توضح ما هو متوقع من عملاء المؤسسة على مستوى المشاريع؛

• سياسة الوصول إلى المعلومات، التي توجه كيفية ومتى يتم الكشف عن المعلومات.

تم اعتماد النسخة الحالية من إطار الاستدامة في عام 2006 وتم تحديثها في عام 2012. ومنذ ذلك الحين، تم اعتماد الإطار من قبل أكثر من 150 منظمة، مما يؤكد أهميته العالمية ويخلق أيضًا طبقة إضافية من المسؤولية عند القيام بتحديثه.

يهدف التحديث إلى إدخال الحداثة على الإطار بعدة طرق: ضمان مرونته واستجابته للمنتجات المالية الجديدة، ومعالجة الثغرات التي كشفت عنها القضايا المعروضة على مكتب المحقق / المستشار المختص بالشكاوى المتعلقة بالتقيد بالأنظمة، والتوافق بشكل أوثق مع التطورات العالمية مثل العدالة المناخية، والمساواة بين الجنسين، وحقوق الإنسان، ودعم الرؤية الأوسع نطاقًا للبنك الدولي باعتباره "مجموعة واحدة".

ستتم عملية التحديث على مرحلتين رئيسيتين.

ستستمر المرحلة الأولى، وهي مرحلة الحوار، ما بين 9 و 12 شهرًا—وذلك من أبريل 2025 إلى مارس 2026—وتركز ليس على مراجعة مسودات السياسات، ولكن على المشاركة في وضع النهج التشاوري.

تسعى مؤسسة التمويل الدولية خلال هذه المرحلة إلى الحصول على مدخلات بشأن الأطراف التي ينبغي التشاور معها، وكيفية إجراء المشاورات، وما هي الموضوعات الأكثر أهمية التي يجب تناولها، وما هي الأشكال الأنسب لمختلف المناطق والفئات السكانية. الهدف هو ضمان أنه عند إصدار مسودات السياسات الرسمية في المرحلة الثانية، ستكون أساليب التشاور شاملة وفعالة.

خلال هذه المرحلة، سيتم جمع مدخلات واسعة ومتنوعة من أجل تنقيح النهج التشاوري، وسيتم تدوين هذه المدخلات في خطة التشاور مع أصحاب المصلحة. كما سيتم عقد جلسات فنية حول مواضيع بيئية واجتماعية محددة.

من خلال إشراك المجتمع المدني والمجتمعات المتضررة في وقت مبكر في عملية تصميم الهيكل التشاوري، تأمل مؤسسة التمويل الدولية في تجنب أخطاء الماضي وتعزيز عملية تتسم بقدر أكبر من الثقة والشفافية طوال عملية التحديث.

ستستمر المرحلة الثانية، وهي مرحلة المشاورات، ما بين 12 و 24 شهرًا (من أبريل 2026 إلى مارس 2028).

ستشمل هذه المرحلة جولتين من المشاورات العالمية والشاملة:

• الجولة الأولى

  • نشر وتوزيع المسودة الأولى من إطار الاستدامة المحدث (بما في ذلك سياسة الاستدامة البيئية والاجتماعية، ومعايير الأداء المعنية بالاستدامة البيئية والاجتماعية، وسياسة المؤسسة لإتاحة الحصول على المعلومات).

  • عقد جلسات تشاور من خلال الجلسات الإقليمية، والمنصات عبر الإنترنت، والبريد الإلكتروني.

  • جمع وتحليل التعليقات الواردة من مختلف أصحاب المصلحة.

• الجولة الثانية

  • نشر مسودة منقحة بناءً على التعليقات الواردة.

  • عقد جولة ثانية من المشاورات حول المسودة المنقحة.

  • وضع الصيغة النهائية لإطار الاستدامة المحدث وتقديمه إلى مجلس إدارة مؤسسة التمويل الدولية للموافقة عليه.

في ختام المرحلة الثانية، ستنشر مؤسسة التمويل الدولية إطار الاستدامة المحدث جنبًا إلى جنب مع ملخص للتعليقات التي تم تلقيها خلال عملية التشاور.

وكجزء من عملية التحديث الأوسع هذه، التزمت مؤسسة التمويل الدولية أيضًا بإعادة النظر في سياسة الوصول إلى المعلومات. وبدلاً من التخلص من السياسة الحالية، يتمثل نهج مؤسسة التمويل الدولية في تنقيح وتوضيح المجالات الغامضة أو غير المتسقة، مع الحفاظ على نقاط القوة الأساسية للسياسة، وتحسين إمكانية الوصول إليها، وقابليتها للتنبؤ، وسهولة استخدامها العملي.

تناولت الجلسة أيضًا جهود مؤسسة التمويل الدولية لتحقيق قدر أكبر من التوافق في المعايير مع البنك الدولي في إطار مبادرة "مجموعة واحدة".

يعمل البنك على تحقيق قدر أكبر من الاتساق بين أذرعه الأربعة:

• البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية، اللذان يعملان بموجب الإطار البيئي والاجتماعي.

• مؤسسة التمويل الدولية، وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف، وكلاهما يعمل بموجب معايير الأداء.

سيتم تحقيق قدر أكبر من التوافق بين معايير أداء مؤسسة التمويل الدولية والدروس المستفادة من الإطار البيئي والاجتماعي ومعايير البيئة والمجتمع. سيتم أيضًا نشر مبادئ ورؤية مشتركة من أجل تعزيز هذا التوافق.

في المقابل، أعربت منظمات المجتمع المدني عن قلقها بشأن عدم وجود التزام واضح بعدم إضعاف المعايير البيئية والاجتماعية. وحثت هذه المنظمات مؤسسة التمويل الدولية على تقديم ضمانات قاطعة بعدم إضعاف أو تخفيف أي معيار أو حماية قائمة خلال عملية التحديث.

ومن بين الشواغل الرئيسية الأخرى التي أثارتها منظمات المجتمع المدني، الكيفية التي سيتم بها توثيق المدخلات والآراء، ومراجعتها، والاستجابة لها على نحو فعال ومجدٍ. وأشار المشاركون إلى تجارب سابقة في عمليات التحديث، حيث تم جمع آراء ومدخلات منظمات المجتمع المدني، ولكن تم تجاهلها دون تقديم أي تفسير أو تبرير.

وشددت منظمات المجتمع المدني على ضرورة توسيع نطاق جهود التواصل لتكون أعم وأشمل، محذرةً من الاعتماد فقط على شبكات المجتمع المدني الكبيرة في عملية التشاور.كما أكدت هذه المنظمات على أهمية تضمين التزامات أقوى بالتعويض والمساءلة في الإطار المحدث الجديد، وطالبت بتوضيح الكيفية التي ستعالج بها السياسات الجديدة الأضرار التي لحقت بالفعل بالمجتمعات والأفراد نتيجة لاستثمارات مؤسسة التمويل الدولية السابقة.

وأكدت منظمات المجتمع المدني على أن الإطار الجديد يجب أن يتبنى نظرة مستقبلية، وأن يدمج الالتزامات التي تم التعهد بها في إطار الإجراءات العلاجية الخاص بمؤسسة التمويل الدولية. (يتوفر شرح موجز لهذا الإطار عبر هذا الرابط).

سيتم الإعلان عن معلومات مفصلة بشأن المشاورات، بما في ذلك المنصات، والمواقع، والتواريخ، والأشكال، على هذا الموقع الإلكتروني.

يمكن لمنظمات المجتمع المدني أيضًا إرسال مدخلاتهم ومقترحاتهم عبر عنوان البريد الإلكتروني التالي: sustainabilityframeworksc@ifc.org

الدمج أم الإصلاح؟ مستقبل آليات المساءلة في مجموعة البنك الدولي

شارك التحالف في اجتماع المائدة المستديرة الذي عقده مكتب المحقق/المستشار لشؤون التقيد بالأنظمة مع منظمات المجتمع المدني، والذي ركز في المقام الأول على النقاش الجاري حول مستقبل آليات المساءلة داخل مجموعة البنك الدولي، ولا سيما في سياق المناقشات المتعلقة بعمليات الدمج المحتملة بين مكتب مستشار الامتثال، وهيئة التفتيش، والهيئات الأخرى ذات الصلة، بهدف تبسيط هذه الآليات تحت مظلة مساءلة موحدة للبنك الدولي.

تم إبلاغ منظمات المجتمع المدني بأنه قد تم تشكيل فريق عمل داخلي صغير داخل مجموعة البنك الدولي، ويضم ممثلين من جهات مختلفة هي: مكتب مستشار الامتثال، وهيئة التفتيش، بالإضافة إلى ممثلين عن مكاتب أخرى ذات صلة بآليات المساءلة. وقد تم تكليف هذا الفريق بإعداد أوراق معلومات أساسية، تتضمن تحليلاً للوضع الراهن بالإضافة إلى سيناريوهات محتملة لتقديمها إلى لجنة فعالية التنمية التابعة لمجموعة البنك الدولي.

تضمنت السيناريوهات المطروحة للنظر من قبل فريق العمل ما يلي:

• دمج كامل وسريع لمكتب مستشار الامتثال، وهيئة التفتيش، والهيئات الأخرى ذات الصلة بآليات المساءلة في غضون أشهر قليلة.

• دمج طويل الأجل لآليات المساءلة، يتم تطويره وتنفيذه على مراحل من خلال عملية تشاورية شاملة، وإصلاحات تدريجية، ومراجعة دقيقة للسياسات الحالية.

• دمج اسمي أو شكلي تحت مظلة موحدة تحمل مسمى "مساءلة البنك الدولي"، مع السماح لكل آلية بالحفاظ على الإجراءات وصلاحياتها الخاصة بها بشكل مستقل.

ركزت الأسئلة التي طرحها ممثلو المجتمع المدني الذين حضروا الاجتماع على الأساس المنطقي لعملية الدمج المقترحة، والافتقار إلى الوضوح بشأن المشكلة المحددة التي يهدف تغيير الهيكل التنظيمي الحالي إلى حلها أو معالجتها. وأكدت منظمات المجتمع المدني على أن العديد من المبررات التي يتم تداولها لتبرير الدمج—مثل تحسين الكفاءة أو الحد من الازدواجية في العمل—لا تنطبق بوضوح على آليات المساءلة القائمة.

وأعرب بعض ممثلي المجتمع المدني عن قلقهم من أن الإصلاح المقترح قد يكون مدفوعًا بدوافع سياسية داخلية، أو ضغوط لخفض التكاليف التشغيلية، أو رغبة مؤسسية لتبسيط عملية الرقابة الداخلية، بدلاً من أن يكون مدفوعًا بتقييم موضوعي يستند إلى أي دليل على وجود خلل وظيفي حقيقي في آليات المساءلة الحالية.

تم التأكيد خلال الجلسة على أنه لا يوجد توافق في الآراء بين أعضاء مجلس إدارة مجموعة البنك الدولي حول ما إذا كان الدمج المقترح لآليات المساءلة ضروريًا أو مستحسنًا. يرى بعض أعضاء مجلس الإدارة قيمة في الحفاظ على هياكل مساءلة منفصلة ، بينما يدعو آخرون إلى الدمج كجزء من استراتيجية أوسع نطاقًا للمواءمة المؤسسية العامة.

وأعربت منظمات المجتمع المدني عن مخاوف جدية بشأن التأثير المحتمل لعملية الدمج على الحد الأدنى من معايير المساءلة القائمة، وما إذا كانت عملية الدمج قد تؤدي إلى التراجع عن هذه المعايير. ويأتي ذلك في حالة دمج أنظمة المساءلة دون ضمان التوفيق بين الآليات مع اعتماد أقوى ضمانات الحماية المتاحة. وأُثيرت مخاوف إضافية بشأن الكيفية التي سيتم بها تطبيق المعايير البالغة الأهمية، مثل مبدأ الخروج المسؤول من المشاريع وإطار العمل الخاص بالإجراءات العلاجية، على جانب القطاع العام في عمليات البنك الدولي.

ما هي الخطوة التالية للإطار البيئي والاجتماعي للبنك الدولي؟

تعزيز التنفيذ دون مراجعة

حضر التحالف جلسة معلومات استضافها البنك الدولي، وتمحورت حول الإطار البيئي والاجتماعي. تم تنظيم الجلسة لتقديم آخر التحديثات المتعلقة بالجهود الجارية لتعزيز تنفيذ الإطار البيئي والاجتماعي.وتم التأكيد بوضوح على أنه على الرغم من عدم وجود خطط لإجراء مراجعة رسمية للإطار البيئي والاجتماعي في الوقت الحالي، إلا أن البنك الدولي يعمل بنشاط على تحسين وتطوير كيفية تطبيق الإطار في الممارسة العملية على أرض الواقع. وينصب التركيز الأساسي على جعل العمليات البيئية والاجتماعية أكثر فعالية، وتبسيط الإجراءات، و الإعتماد على أنظمة البلدان المقترضة نفسها. وكان هذا أحد الموضوعات الرئيسية التي تناولتها الجلسة بالتفصيل; التحول الاستراتيجي من الاعتماد بشكل حصري على إطار عمل البنك الداخلي، نحو الاستفادة القصوى من أنظمة البلدان المقترضة نفسها حيثما أمكن ذلك عمليًا. يتضمن هذا النهج المتكامل تقييمًا شاملاً للأطر القانونية والمؤسسية القائمة بالفعل داخل كل بلد على حدة، وتحديدًا واضحًا للثغرات أو الفجوات القائمة بين تلك الأنظمة المحلية والإطار البيئي والاجتماعي للبنك الدولي، والاستخدام الفعال للدعم المقدم من البنك الدولي لمعالجة تلك الثغرات بشكل فعال.

وتم عرض أمثلة عملية مستمدة من دراسات حالة قطرية محددة لتوضيح الكيفية التي يعمل بها هذا النهج المتكامل في الممارسة العملية على أرض الواقع. وتعتبر أداة تقييم النظرة العامة للبلد Country Overview Assessment (COA) أداة محورية وأساسية في هذه العملية، حيث أنها تساعد البنك الدولي وعملائه المقترضين على حد سواء على إجراء تقييم دقيق لنقاط القوة والقيود القائمة في الأنظمة البيئية والاجتماعية الوطنية لكل بلد.وتساهم عمليات التقييم الشاملة هذه بشكل كبير في كل من تصميم المشاريع الجديدة وجهود تعزيز النظام الأوسع نطاقًا.

وكان من بين التوضيحات الهامة التي تم تقديمها والتأكيد عليها بوضوح خلال الجلسة أن الإطار البيئي والاجتماعي نفسه لا يخضع للمراجعة في الوقت الحالي.ولا يزال الإطار يعتبر حديثًا نسبيًا، وتتمثل الأولوية القصوى في تمكين موظفي البنك والمقترضين على حد سواء من تفعيله وتطبيقه بالكامل ودمجه في عملياتهم، مع التركيز بشكل أساسي على الإصلاحات التي تهدف إلى تحسين التنفيذ العملي للإطار بدلاً من إعادة كتابة المعايير الأساسية.

ويشمل ذلك الحد من الازدواجية غير الضرورية في الوثائق المطلوبة، وتعزيز التوافق والاتساق بين تصميم المشاريع والنتائج المتوقعة، وبناء قدرة المقترضين على إدارة المخاطر البيئية والاجتماعية بشكل فعال وكفء، وتحسين وتطوير الكيفية التي يتم بها تطوير واستخدام وثائق الإطار البيئي والاجتماعي. وتتعرض العديد من الوثائق الحالية لانتقادات شديدة بسبب كونها مطولة بشكل مفرط، وغامضة في صياغتها، ومنفصلة بشكل كبير عن واقع المشاريع وظروفها على أرض الواقع. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يؤدي تبسيط العمليات الداخلية، بالإضافة إلى تعزيز قدرة العملاء المقترضين، إلى تمكين موظفي البنك من تخصيص المزيد من الوقت والموارد لإشراك أصحاب المصلحة المعنيين، والإشراف الدقيق على المشاريع، والمتابعة المستمرة للتقدم المحرز.

وأخيرًا، تناولت الجلسة الرؤية الأوسع نطاقًا التي تهدف إلى إنشاء نهج أكثر توحيدًا واتساقًا لمجموعة البنك الدولي بأكملها. وفي إطار مبادر تحمل اسم "مجموعة بنك دولي واحدة "، يجري حاليًا بذل جهود متضافرة لصياغة رؤية سياسية مشتركة ومتماسكة عبر مختلف المؤسسات التابعة لمجموعة البنك الدولي، بما في ذلك البنك الدولي للإنشاء والتعمير، والمؤسسة الدولية للتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية، ووكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف.

والهدف الأساسي من هذه المبادرة هو ضمان تحقيق الاتساق على مستوى عالٍ في الالتزامات البيئية والاجتماعية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على أطر عمل مصممة خصيصًا لتتناسب مع العمليات والظروف المحددة لكل مؤسسة على حدة.

وشجع البنك الدولي منظمات المجتمع المدني على الاستمرار في المشاركة الفعالة كشركاء أساسيين في عملية مراقبة التطبيق الواقعي للإطار البيئي والاجتماعي، حيث أن مشاركتهم النشطة تساعد بشكل كبير في ضمان الرقابة الفعالة، والمساءلة الشاملة، وتعزيز أنظمة معالجة المظالم القائمة.

إعادة بناء لبنان وسوريا: إعطاء الأولوية للحوكمة الرشيدة، والمساءلة، والعدالة الاجتماعية

شارك التحالف في تنظيم جلسة مهمة بعنوان "إعادة البناء بشكل أفضل: إعادة الإعمار في لبنان وسوريا" خلال اجتماعات الربيع .ناقشت الجلسة بالتفصيل آفاق وتحديات إعادة الإعمار في كل من لبنان وسوريا في أعقاب سنوات طويلة من الصراع المدمر، والانهيار الاقتصادي الحاد، والإخفاقات المتعددة في الحوكمة الرشيدة.

وركزت المناقشات بشكل خاص على المتطلبات الأساسية والضرورية لضمان أن تعطي جهود إعادة الإعمار الأولوية القصوى للحوكمة الرشيدة، والشفافية الكاملة، والحماية الاجتماعية الشاملة، وتوفير سبل العيش المستدامة، والإنعاش الاقتصادي الشامل الذي يخدم جميع شرائح المجتمع، بدلاً من مجرد إعادة إنتاج أو تعزيز الأنظمة القديمة التي تقوم على استيلاء النخب على السلطة والموارد، وتفاقم عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، وهشاشة الدولة وعدم قدرتها على تلبية احتياجات مواطنيها.

بدأ النقاش بالتركيز على الوضع في لبنان، مع التأكيد القوي على أن أي عملية إعادة إعمار ناجحة يجب أن تقوم على أساس متين من الإصلاحات الهيكلية الموجهة والمصممة خصيصًا لمعالجة المشاكل الجذرية. وينبغي أن تركز هذه الإصلاحات الأساسية على إعادة بناء القطاع المصرفي على أسس من الشفافية الكاملة والمساءلة الفعالة، وتعزيز مؤسسات الدولة بشكل كبير من أجل استعادة الخدمات العامة الأساسية التي يحتاجها المواطنون بشدة، وتنفيذ السياسات المالية والاقتصادية الحكيمة الرامية إلى تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الوطني المتدهور، وتحسين أنظمة الحماية الاجتماعية بشكل كبير من أجل التخفيف من حدة الفقر المدقع متعدد الأبعاد الذي يؤثر على أكثر من 70٪ من السكان اللبنانيين.

وفي هذا السياق، يعمل صندوق النقد الدولي مع وزارة المالية اللبنانية من أجل تعزيز كفاءة إدارة الضرائب وإزالة الثغرات القانونية التي تسمح بالتهرب الضريبي، بهدف رئيسي هو تحسين تعبئة الإيرادات العامة ووضع السياسة الضريبية على المسار الصحيح لتحقيق الاستدامة المالية (تقرير صندوق النقد الدولي)، في حين وافق البنك الدولي على تقديم قرض كبير بقيمة 250 مليون دولار أمريكي للمساعدة في تخفيف أزمة الكهرباء الحادة في لبنان.

وكان هناك اتفاق واسع النطاق خلال الجلسة على أنه قد تم إحراز بعض التقدم المحدود في خفض معدل التضخم المرتفع وتحقيق الاستقرار النسبي في سعر الصرف المتقلب، ولكن تم التأكيد بوضوح على أن هذا التقدم تحقق دون إجراء إصلاحات جوهرية في القطاع المالي أو هياكل الحوكمة القائمة.

وتتطلب عملية التعافي الحقيقية والفعالة إعادة هيكلة شاملة للقطاع المصرفي، ولا سيما ضمان تحمل كبار المودعين والنخب الثرية للأعباء المالية الناتجة عن الأزمة بدلاً من تحميلها للمواطنين العاديين الذين يعانون بالفعل. وبينما تم اتخاذ خطوات صغيرة ومحدودة، مثل إقرار قانون رفع السرية المصرفية، إلا أن الطريق نحو إعادة الإعمار الحقيقية والمستدامة يتطلب إدخال تغييرات أعمق نطاقًا وأكثر شمولية.

ويجب أن يركز الإصلاح أيضًا على تعبئة الإيرادات المحلية من خلال فرض الضرائب التصاعدية على الثروات المرتفعة، والتراجع عن الاعتماد المفرط على الضرائب الاستهلاكية التنازلية التي تؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء، وضمان وضع سياسات مالية عادلة ومتوازنة تعزز العدالة الاجتماعية.

ويجب أن تركز خطة إعادة الإعمار الشاملة الخاصة بلبنان على الاستثمارات الكبيرة في الخدمات العامة الأساسية، ولا سيما قطاعات التعليم، والرعاية الصحية، وأنظمة الحماية الاجتماعية التي توفر الدعم الأساسي للفئات الأكثر ضعفًا .وتعتبر إعادة بناء الثقة المفقودة بين المواطنين والدولة أمرًا ضروريًا لتحقيق التعافي الناجح والمستدام، وهو ما يتطلب الشفافية الكاملة في جميع العمليات الحكومية، والمساءلة الفعالة للمسؤولين، والملكية الوطنية الحقيقية لأجندة الإصلاح.

كما أكدت الجلسة على الدور المحوري والأساسي الذي يجب أن يضطلع به المجتمع المدني في تشكيل ورصد عملية إعادة الإعمار، وذلك بالنظر إلى التاريخ الطويل للدولة اللبنانية في استيلاء النخب على السلطة والموارد وفشل هياكل الحوكمة القائمة في خدمة مصالح عموم السكان.

وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، عرضت الجلسة سياقًا أكثر تعقيدًا وهشاشة. فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي السوري بأكثر من 60٪ منذ عام 2010، يعيش حاليًا أكثر من 90٪ من السوريين تحت وطأة الفقر المدقع والمعاناة الشديدة.

و يتفاقم الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية المادية بسبب الانهيار الكامل للأنظمة الاجتماعية الأساسية وأنظمة الحوكمة الرشيدة، وتفتت الأراضي الوطنية إلى مناطق نفوذ متنازع عليها، والعقوبات الدولية الشديدة المفروضة على البلاد.

وتواجه عملية إعادة الإعمار في سوريا تحديات هائلة وغير مسبوقة، لا سيما الافتقار إلى خارطة طريق واضحة المعالم ومتفق عليها للتعافي المستدام، والتعقيدات الهائلة الناجمة عن العقوبات الدولية التي تحد بشدة من التدفقات المالية والاستثمار الأجنبي الضروري لإعادة الإعمار. وعلى الرغم من هذه التحديات الهائلة، أشارت الجلسة إلى بعض التطورات الجديدة التي قد تحمل في طياتها بعض الأمل: للمرة الأولى منذ عشرين عامًا، أجرى مسؤولون سوريون حوارًا مباشرًا مع ممثلين عن كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي خلال اجتماعات الربيع. ومع ذلك، لا تزال هذه المشاركة في مرحلة مبكرة للغاية وتتسم بالحذر الشديد. ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن أي عمل مستقبلي مع سوريا سيركز في البداية على المراقبة الدقيقة للأوضاع الاقتصادية والمساعدة الفنية المحدودة، وليس على تقديم قروض مالية.

كما أبدت بعض دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، اهتمامًا متجددًا بتقديم الدعم لإعادة إدماج سوريا في الأطر الإقليمية والدولية. ويجب أن تبدأ أي عملية إعادة إعمار ذات مغزى في سوريا بإعادة بناء أطر ومؤسسات الحوكمة الرشيدة القادرة على تقديم الخدمات العامة الأساسية للمواطنين، والإدارة الفعالة للسياسة الاقتصادية الكلية. فمشاريع البنية التحتية وحدها، على أهميتها، لن تكون كافية على الإطلاق. فبدون مؤسسات عاملة وفعالة، تنطوي عملية إعادة الإعمار على خطر كبير يتمثل في تعزيز عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية العميقة وعدم الاستقرار السياسي المزمن.

وعلاوة على ذلك، سوف تتطلب عملية إعادة الإعمار الفعالة والناجحة في سوريا تنسيقًا دوليًا دقيقًا من أجل معالجة الآثار المعقدة للعقوبات الدولية، وتجنب توجيه الموارد المالية عبر شبكات فاسدة تستغل الوضع لتحقيق مكاسب شخصية.

وأكدت الجلسة بقوة على أن كلًا من لبنان وسوريا يمثلان فرصًا فريدة لإعادة التفكير بشكل جذري في عملية إعادة الإعمار بطرق تعطي الأولوية للإصلاح المنهجي العميق والشامل على مجرد إعادة البناء السطحية التي لا تعالج المشاكل الجذرية.

فبالنسبة للبنان، يعني هذا بشكل أساسي تعزيز قدرة الدولة على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وتحقيق العدالة المالية من خلال فرض الضرائب التصاعدية، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل جميع الفئات المحتاجة.

وبالنسبة لسوريا، يعني ذلك إرساء الأسس الأساسية لأنظمة الحوكمة الرشيدة من الصفر، وضمان ربط عملية إعادة الإعمار ارتباطًا وثيقًا ببناء المؤسسات الفعالة، وجهود مكافحة الفساد، وتحقيق التنمية العادلة والمستدامة التي تعود بالنفع على جميع شرائح المجتمع السوري.

الجلسات التي شارك التحالف في تنظيمها في اجتماعات الربيع 

شارك التحالف في تنظيم عدة جلسات ضمن منتدى سياسات المجتمع المدني، شملت:

• التقشف مقابل الحماية: منظور العمال حول الإنفاق الاجتماعي لصندوق النقد؛

• مراجعة إطار الاستدامة لمؤسسة التمويل الدولية: حماية الحقوق والبيئة؛

• غياب العمل غير المأجور: معالجة نهج صندوق النقد تجاه تقسيم العمل القائم على النوع الاجتماعي؛

• نتائج آليات المساءلة: التعويض والتزامات المؤسسات المالية الدولية.

ويمكن الاطلاع على هذه الجلسات عبر صفحة منتدى سياسات المجتمع المدني على موقع البنك الدولي أو صفحة المجتمع المدني وصندوق النقد الدولي.

وبالإضافة إلى المشاركة في تنظيم هذه الجلسات، شارك التحالف أيضًا في فعاليات استضافتها كل من منظمة أوكسفام ومنظمة ريكورس. وركزت هذه الفعالية على تعزيز استراتيجيات المناصرة الفعالة بهدف التأثير على سياسات بنوك التنمية متعددة الأطراف. وتبادل مناصرو المجتمع المدني الدروس المستفادة من جهود المناصرة السابقة، مع التركيز بشكل خاص على استراتيجيات مثل بناء التحالفات القوية، والتواصل المباشر والفعال مع المؤسسات المعنية، وإعطاء الأولوية لمشاركة السكان الأصليين والمجتمعات المحلية في هذه العمليات.

كما انضم التحالف إلى مناقشة استراتيجية هامة إلى جانب منظمات المجتمع المدني الدولية، حيث تبادل المشاركون نُهجًا ملموسة وعملية في مجال المناصرة بهدف تعزيز التأثير الجماعي على سياسات المؤسسات المالية الدولية والمساءلة المؤسسية.

نود أن نعرب عن خالص شكرنا لأعضائنا وشركائنا على دعمهم وتعاونهم المستمر.

موارد إضافية

info@arabwatchcoalition.org